إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شرك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد : فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أحد أوجه الإعجاز التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم هي إخباره بالغيبيات ، إخباره بأمور سوف تقع حتماً بعد وفاته صلى الله عليه وسلم سواء بسنين قليلة ، أو بقرون عديدة … وهذا بالطبع ما لا يقدر عليه الإنس والجن ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ، مصداقاً لقول الله تبارك وتعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً .إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً . لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) (الجـن:26_28) ، وهذا تأييد الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم حتى يؤكد للناس أن هذا الدين هو الدين الحق ، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو بحق رسول الله … وقد ظهرت هذه الأخبار الغيبية التي أخبر بها الله تبارك وتعالى في كتابه المجيد أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في مدد متفاوتة ، فمنها التي ظهرت خلال حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها ما ظهر في حياة الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها ما ظهر في زمن التابعين ومنها ما ظهر في القرون المتأخرة حتى وقتنا الحالي ، ومازالت هذه الأحداث تتوالى تماماً كما أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بدقة شديدة ، وإحكام يثير الدهشة ، كأنه رآها رأي العين صلى الله عليه وسلم ، وليس بعد ذلك دليل على أن هذا العلم هو الوحي ، الوحي الذي نزل به جبريل عليه السلام على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم …
وحي الله العظيم ، عالم الغيب والشهادة الحكيم الخبير …
قال الله تعالى : (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) ( إبراهيم:1)
ومن الغيبيات التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما … قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) .
يعد هذا الحديث معجزة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ففي الحديث نساء كاسيات عاريات ، وهاهن مسلمات اليوم تجدهن كاسيات أنفسهن بملابس وما هي بملابس عاريات العفة والدين والحياء .
ولفظ كاسيات عاريات ، يحتمل معنيين هما :
الأول : أنهن يغطين بعض جسدهن ويكشفن البعض الآخر فهن كاسيات جزء وعاريات جزء آخر ، فهن كاسيات عاريات في نفس الوقت … !!
الثاني : أنهن يلبسن ثياباً شفافة ، أو ضيقة ، أو قصيرة ، وتظن إحداهن أنها كاسية قد أحسنت صنعاً ، وما هي إلا عارية قد أساءت لنفسها ودينها …!!
و ( مائلات مميلات ) : أي ( مائلات ) عن الصراط المستقيم … ( مميلات ) لغيرهن من النساء وقيل أيضاً : (مائلات ) يترنحن في مشيتهن ، ويتمايلن … و ( مميلات ) لقلوب الرجال وإثارة شهواتهم … !!
بالطبع هذا الوصف لهؤلاء النساء والفتيات واقع بكل معانيه السابقة ، وأصبحت النساء المسلمات كاسيات عاريات ، لهثن وراء الموضة وتقليد الغرب ، وأغضبن ربهن وخسرن أنفسهن ، وإذا لم يتداركن أنفسهن بالتوبة إلى الله تبارك وتعالى فلن يدخلن الجنة ولن يجدن ريحها كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث المعجز .
إذاً أختي الفاضلة قاتلي شيطانك واتقي الله حيثما كنت وتأملي هذا الحديث الذي يخبرنا كيف أن النساء كاسيات بما لبسن من ثياب ولكن عاريات ، تأملي يا من أنت حفيدة أولئك النساء الفاضلات اللاتي ما أنجبت بطن مثلهن ، تأملي سلفك الصالح من النساء المؤمنات اللاتي تربين بمدرسة النبوة مدرسة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، تأملي وأنت التي لابد أن تكون خلفاً لسلفها من نساء الأمة كعائشة ، وأم سلمة ، وأسماء ، وأم عمارة ، .. وغيرهن كثير رضوان الله تعالى عليهن أجمعين .
إذاً حري بك يا حفيدة الخنساء أن ترتدي لباس العفة والفضيلة ولباس الحشمة ألا وهو الحجاب الشرعي ، الذي أمرنا به ربنا جل وعلا ، ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم .\
وأخيراً أهيب بك أختي الفاضلة أن تكوني نبراساً للفضيلة والعفة والدين ، يحتذى بك أينما كنت ، ولتعلمي أختي المسلمة أن هذه الدنيا فانية وما هي إلا متاع الغرور ، كما قال ربنا جل وعلا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (الأنعام:32) ، وأسأله جل وعلا أن يجعل من أخواتنا المسلمات داعيات للحق والدين وعلى ضوء الكتاب والسنة وعلى نهج سلفنا الصالح .